ما أصعب أن تكتشف بعد مرور أسابيع من التعب والسهر في ساحة التغيير – جامعة صنعاء أنك غير مرغوب فيه, وأنك تساهم في صناعة ديكتاتوريات متسلحة بالعنف والفتوى الدينية , وما أمرها من لحظة كنت تعتقد قبلها بأنك تناضل في سبيل الحرية لتفاجأ بالإضطهاد يحيط بك من كل الاتجاهات في ساحة يتعامل معها "الإخوان" بإعتبارها إمتداد لجامعة الإيمان, وليس لجامعة صنعاء .
أن تكتشف أن المستقبل الذي شيدته مخيلتك الحالمة, لن يكون سوى قبو يدوسه "ضد الإسلام" ومكاناً لممارسة الفتوى وسيناريو "الشجاع الاقرع" – سترحل أنت وأحلامك إلى دهاليز الإحباط .
إذا كان حزب "الإصلاح" لا يزال في طور الإعداد للانقضاض على السلطة يمارس البلطجة على المعتصمين في ساحة التغيير بجامعة صنعاء بذريعة الدفاع عن وحدة الصف, فمالذي سيفعله بعد وصوله إلى السلطة مع الحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط؟.
يستميت الإصلاحيون في الدفاع عن "المنصة" من السباب المعتصمين الذين يرغبون في التعبير عن آرائهم ويبذلون أي "الإصلاحيون" – ما بوسعهم من أساليب البلطجة ضد هؤلاء الشباب, وشواهد ومشاهد الاعتداءات على الشباب البسطاء كثيرة, وهي ما دفعتهم إلى الخروج عن دائرة الصمت والتعبير عن رفضهم لبلطجة الإصلاح .
ومع أن "المنصة" ليست الثورة المنشودة, ولا تقود إلى كرسي الحكم, إلا أن إصرار"الإصلاحيين"على الاستئثار بها يفتح العديد من المخاوف, ويفرض جملة من المؤشرات الخطيرة, وتخيلوا مصير المنابر الإعلامية الرسمية "مقروءة, ومسموعة. ومرئية" في حال تمكن "الإصلاح" من الوصول إلى السلطة .
الخطاب الإعلامي والسياسي القادم من المنصة – محط امتعاض غالبية الشباب المعتصمون, والذين يصفونه بالاستفزازي الذي لا يعبر عن الثقافة والروح الثورية الأصيلة, التي اعتصموا من اجلها, ولا الخطاب الثوري الناضج الذي يشعر الناس بالطمأنينة والسكينة, بدلاً من حالة الحرب المفتوحة, وثقافة التنابز بالألقاب والمكايدات والمناكفات التي يستحيل أن تحدث تغييرا حقيقياً .
"المنصة" هبل الإصلاحيين الذين يتقربون بها إلى كرسي الحكم, واثبتوا من خلالها وثنيتهم وحربهم الشعواء ضد التنوع السياسي والثقافي والإيديولوجي, ورفضهم السافر للتغيير الذي ينشده شباب الساحات