أضر الأمور على العبد أن يقول : سوف أتوب ، وسوف أعمل صالحاً ، ولكن الشيطان يقول له : إلى أن تكبر ، أنت مازلت شاباً فتمتع بشبابك ، فيستمر على المعاصي ، وقد يخطفه الموت وهو في ريعان الشباب .
وإذا عجز عن التوبة اليوم ، فهو في المستقبل أعجز .
فمثل من يؤجل التوبة والإقلاع عن الذنوب ،كمثل من أراد أن يقلع شجرة من فناء داره فوجدها راسخة الجذور في الأرض ثابتة ، فقال : أعود إليها في العام المقبل فأقتلعها ، وما علم أن الشجرة في العام المقبل سوف تزداد رسوخاً في الأرض ، وسوف يزدد هو ضعفاً كذلك .
شجرة الشهوات : كلما استمر العبد على المعاصي وأكثر منها تزداد رسوخاً في أرض قلبه ،ويزداد هو بالمداومة على المعاصي ضعفاً ، فلا يزال العبد يزداد محبة للشهوات وضعفاً عن الإقلاع عنها حتى ينزل عليه الموت ، وهو على هذه الحال
قال ابن القيم رحمه الله :
كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة ؟
أحذر أن ينطبق عليك هذا المثال .
وهذا مثل يضرب للإنسان الغافل اللاهي الذي لا يعبأ بمصيره ، فغن مثله كمثل الكبش الذي يأكل ويشرب ، والسكين التي سوف يذبح بها تشحذ أمامه ، والتنُّور يسجر استعدادا لطهيه ، وهو مع ذلك لا يرى إلا شهوته ، فإذا كان هذا لائقاً بالحيوان فإنه لا يليق بالآدمي العاقل الذي يفهم ويقدر العواقب .
قال ثابت البناني رحمه الله :
أي عبد أعظم حالا من عبد يأتيه ملك الموت وحده ، ويدخل قبره وحده ، ويوقف بين يدي الله وحده ، ومع ذلك ذنوب كثيرة ونعم من الله كثيرة .
كــــيــــف تــــواجــــه الــــشــــهــــوة ؟
1 : تقوية الوازع الإيماني :
بالإكثار من العبادات بجميع أنواعها . من قراءة القرآن ، وذكر الله ، وحضور الدروس ، والمحافظة على الأذكار في جميع الأوقات والمواظبة على الصلوات في المساجد .
2 : الصحبة والبيئة الصالحة :
التي لا تذكر بالمعصية إذا كنت بعيداً عنها ، فضلاً عن أن تعينك على ارتكابها ، والتي تذكرك إذا نسيت أو غفلت ، وتعينك على كل خير وطاعة ، وكما قيل :"الصاحب ساحب ".
3 : الابتعاد عن الأجواء المحركة للشهوات :
من رؤية النساء ، أو الاختلاط بهن ، أو مطالعة المجلات أو الفضائيات التي تحرك الشهوات وتدعو إليها .
4 : كثرة الدعاء :
وكان من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم :" ..... وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ..... " ( الدعاء الذي بعد التشهد ) .
" اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .
" اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك " .
" حجبت النار بالشهوات ، وحجبت الجنة بالمكاره ":
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " حجبت النار بالشهوات ، وحجبت الجنة بالمكاره "( متفق عليه ) ، وفي رواية لمسلمٍ : " حُفَّتْ " بَدَلَ " حُجِبَتْ " وهو بمعناهُ .
قال الإمام النووي :
أي بينه وبينها هذا الحجاب ، فإذا فعله دخلها .
فاجتناب المحرمات وفعل الواجبات مكروه إلى النفوس وشديد عليها ، فإذا أكرهت نفسك على ترك هذه المحرمات ، وفعل الواجبات فهذا من أسباب دخول الجنة .
تأمل هذا الكلام جيداً .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
واعلم علم إنسان مجرب أنك إذا أكرهت نفسك على طاعة الله ، أحببت الطاعة وألفتها ، وصرت بعد ما كنت تكرهها تأبى نفسك إذا أردت أن تتخلف عنها .
ونحن نجد بعض الناس يكره أن يصلي مع الجماعة ، ويثقل عليه ذلك عندما يبدأ في فعله ، لكن إذا به بعد فترة تكون الصلاة مع الجماعة قرة عينه ، ولو تأمره ألا يصلي لا يطيعك ، فأنت عود نفسك وأكرهها أول الأمر ، وستلين لك فيما بعد وتنقاد