حكم الاستعانة بالمشرك:
في غزوة بدر في الأحداث التي سبقتها ، أراد مشرك أن يلحق بجيش
المسلمين ، وطلب من النبي (صلى الله عليه وسلم ) الموافقة على قبوله معهم والاشتراك فيما هم ذاهبون إليه ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : "ارجع فلن أستعين بمشرك"
(أنظر: السيرة النبوية الصحيحة للعمري (1/355) )
فالحديث يبين أن القاعدة والأصل عدم الاستعانة بغير المسلمين في الأمور العامة ، ولهذه القاعدة استثناء ، وهو جواز الاستعانة بغير المسلم بشروط معينة وهي : تحقق المصلحة أو رجحانها بهذه الاستعانة ، وأن لا يكون ذلك على حساب الدعوة ومعانيها ، وأن يتحقق الوثوق الكافي بمن يستعان به ، وأن يكون تابعاً للقيادة الإسلامية لا متبوعاً ومقوداً فيها لا قائداً لها ، وأن لا تكون هذه الاستعانة مثار شبهة لأفراد المسلمين ، وأن تكون هناك حاجة حقيقية لهذه الاستعانة وبمن يُستعان به، فإذا تحققت هذه الشروط جازت الاستعانة على وجه الاستثناء ن وإذا لم تتحقق لم تجز الاستعانة ،
وفي ضوء هذا الأصل رفض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اشتراك المشرك مع المسلمين في مسيرهم إلى عير قريش ، إذ لا حاجة به أصلاً ، وفي ضوء هذا الاستثناء وتحقق شروطه استعان النبي (صلى الله عليه وسلم) بالمشرك عبد الله بن أريقط الذي استأجره النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر في هجرتهما إلى المدينة ليدلهما على الطريق إليها
.. وهكذا على هذا الاستثناء وتحقق شروطه قبل (صلى الله عليه وسلم) حماية عمه أبي طالب له ، كما قبل جوار أو إجارة المطعم بن عدي له عند رجوعه (عليه الصلاة والسلام ) من الطائف ، وكذلك قبول الصحابة الكرام جوار من أجارهم من المشركين ليدفع هؤلاء الأذى عمن أجاروهم ،
(انظر: المستفاد من قصص القرآن (2/144،145) )
وضبط هذه القاعدة مع فهم شروط الاستثناء في واقع الحياة يحتاج إلى فقه وإيمان عميق.