ما هي حقيقة العيد؟
د. عائض القرني
الكثير من المسلمين جعلوا من العيد مظاهر من اللباس الجديد والأفراح وتبادل الزيارات والجلوس إلى الموائد، وهذا مباح- في حدود الشرع- ولكن أين المقصد الأسمى من العيد؟! وهو غسل القلب من الأحقاد والمصالحة مع عباد الله وتطبيع العلاقة مع المؤمنين وتنظيف الضمير من الخيانة والخبث والمكر، وإصلاح الداخل بالإيمان والحب والسلام، ما معنى أن نلبس ثيابًا جديدة فارهة على قلوب عشّش فيها الحسد والبغضاء وفرّخ فيها الكره والضغينة والغل؟ ما معنى أن نتبادل يوم العيد ابتسامات صفراء وقلوبنا تحترق بالإحن والشحناء؟ إن العيد مدُّ جسور المحبة مع إخواننا وجيراننا وإصدار عفوٍ عام عن كل مَن أساء إلينا ومسامحة كل مقصِّر في حقنا؛ ليكون للعيد معنى وتكون للفرحة قيمة، كيف أجلس مع أخي وصديقي وجاري يوم العيد إلى مائدة الطعام وأنا لا أحبّ له من الخير ما أحب لنفسي، وأكره له من الشر ما أكره لنفسي.
إن العيد مناسبة إسلامية لإحياء الفرحة بالحق والدين الجديد الخاتم، وإظهار السعادة بنعمة الله علينا بالتآخي، فكيف نحوّله إلى مظاهر جوفاء لا رسالة لها إلا المباهاة والتعالي على الناس.. وهناك مسلكان مذمومان في العيد: أحدهما: مَن يدعو إلى ترك الفرحة بالعيد تضامنًا مع مآسي المسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرهم، وكأن الحزن والتباكي سوف يحرران الأرض ويحميان العرض ويطردان المحتل، بل علينا أن نفرح بالعيد امتثالاً للرسول صلى الله عليه وسلم، وإظهارًا لفرحتنا الكبرى برسالتنا العظيمة، رسالة الإسلام، وإغاظةً للشيطان وحزبه، وانتصارًا على النفس الأمَّارة، وكبتًا لمشاعر الفشل والإحباط، كما قال تعالى: {ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.
منقول